Thursday, May 29, 2014

المرصد العربي للحقوق والحريات - 29 مايو 2014
تقرير Human Rights Monitor حول انتهاكات انتخابات مصر
  أصدرت منظمة Human Rights Monitor تقريرها حول الانتخابات الرئاسية المصرية قالت فيه إن الانتخابات جرت في جو من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، واتخاذ لتدابير أمنية مشددة ضد المتظاهرين، ومنع كامل من الحق في الاحتجاج والتظاهر. كما استهدفت الحكومة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والتى أكبر جماعة معارضة في مصر لينتج عن ذلك أكثر من 41 ألف من المعتقلين السياسيين.
وثق التقرير فترة التحضير للانتخابات الرئاسية وكذلك أيامها الثلاثة في مصر. كما حدد التقرير الانتهاكات التي طالت حرية ونزاهة العملية الانتخابية والأجواء التي سبقت الانتخابات.
فترة ما قبل الانتخابات
1- الميزانيات الانتخابية:
بلغت ميزانية حملة السيسي حوالى 25 مليار جنيه في حين بلغت ميزانية حملة صباحي حوالى 400 ألف جنيه فقط. وهذا يعني بوضوح أن السيسي قد استخدم الموازنة العامة للدولة للإنفاق على حملته الانتخابية الخاصة.
2- حقوق الإنسان والديمقراطية:
أكثر من 41 ألف من المعارضة معتقلين في السجون ، بالإضافة الى قتل 3248 مواطن من المعارضين و53 قتلوا نتيجة التعذيب في مراكز الاحتجاز. وعلاوة على ذلك، فإن القانون قمع المظاهرات لا يسمح بالاحتجاجات كوسيلة لتثبيت الخوف في قلوب المصريين المعارضين للحكومة وممارساتها الحالية.
3- دور الدين:
شجع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (الأزهر) المواطنين إلى المساهمة في الانتخابات واعتبرتها (دينيا) واجباً وطنياً.
كما دعت الكنيسة الأرثوذكسية أيضا للمشاركة في الانتخابات الرئاسية. وشددت بقوة على المواطنين عدم الاستجابة لدعوات مقاطعة الانتخابات. وعلاوة على ذلك، طبعت ملصقات مكتوب عليها "يسوع يدعوك لانتخاب المشير السيسي للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين – لمكافحة الإرهاب – وللحفاظ على الوحدة الوطنية".
4-دعوات المقاطعة:
دعا التحالف الديمقراطى الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي تعتبر غير شرعية. ودعت الحركات والأحزاب الأخرى مثل حركة 6 أبريل و مصر القوية أيضا إلى مقاطعة الانتخابات التي اعتبروها مهزلة.
ودعا 201 من علماء المسلمين من مختلف أنحاء العالم أيضا إلى مقاطعة الانتخابات التي وصفوها بأنها "غير شرعية".
الانتخابات الرئاسية للمصريين فى الخارج
لاحظ الباحثون السماح للناخبين بالتصويت باستخدام بطاقات الرقم القومى بدون الحاجة إلى أن تكون مسجلة في السفارة. وعلاوة على ذلك، فتحت القنصليات أبوابها أيضا وتحولت إلى مراكز انتخابية في أنحاء مختلفة من العالم، حيث كان في السابق يتم اجراء الانتخابات داخل السفارات فقط.
وقد لاحظ الباحثون أيضا مجموعات لنقل الناخبين إلى السفارات والقنصليات.
وحظرت السفارات التصوير أو التقاط الصور خارج مقراتها لعدم ظهور الذين عارضوا الانتخابات.
سيطر السيسي على الانتخابات بالخارج. وقد فاز بـ إجمالي 296628 صوتا (94.5 ٪ ) بينما حصل صباحي علي 17،207 صوتا فقط (5.48 ٪).
وحصل السيسي أيضاً علي أغلب الأصوات الانتخابيه في أستراليا ولبنان وإيطاليا ودول الخليج. في المقابل فاز فقط ب 55٪ في تركيا ضد منافسه حمدين صباحي الذي اكتسب 45٪ من الأصوات.
الانتخابات الرئاسية في مصر
هيمنت المقاطعة على الانتخابات، فحوالى 12٪ فقط من الناخبين المسجلين قاموا بالإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات فى ثلاثة أيام. وفي محاولة لزيادة الأصوات، قررت الحكومة إعطاء يوم عطلة للموظفين في القطاع العام، وأغلقت المراكز التجارية ومراكز التسوق يوم الثلاثاء.
بالإضافة إلى ذلك، ونظرا لنسبة الإقبال السيئة للغاية، قررت اللجنة العليا تمديد الانتخابات حتى يوم الأربعاء، ومع ذلك، كانت المحطات الانتخابية فارغة تقريبا.
رصدت مؤسسة HRM الانتخابات فى الأيام الثلاثة، ولاحظ الانتهاكات التالية:
1- كسر قانون الصمت الانتخابى داخل وخارج اللجان: واصلت الحملات الانتخابية والدعاية عملها طوال ثلاثة أيام من الانتخابات، على الرغم من الصمت الانتخابي وفقا للقانون.
2- لاحظ الباحثون الحملات الإعلامية لكلا المرشحين في قنوات التلفزيون المحلية والفضائية تحث الناخبين على النزول والإدلاء بأصواتهم.
3- تم رصد المركبات الانتخابية بملصقات سيسي في الشوارع مطالبين أيضا على المواطنين للتصويت باستخدام مكبرات الصوت .
4- تم رصد بعض الناخبين داخل المراكز الانتخابية يرتدون تي شيرت مع الصور من السيسي على ذلك.
5- هددت بعض المساجد الناخبين الذين لا يصوتون بدفع غرامة قدرها 500 جنيه.
6- الارهاب الفكري الذى مارسه مذيعو التلفزيون وتهديد المواطنين الذين لم يصوتوا فى الانتخابات.
7- رصد عمليات تسويد بطاقات الاقتراع وتوثيقها في عدة مراكز انتخابية لصالح السيسي.
8- تصويت الأطفال دون السن القانوني في الانتخابات.
9- فتح مراكز الاقتراع في وقت متأخر عن مواعيدها.
10- تفتقر بعض المحطات الانتخابية الستائر التي توفر الخصوصية للناخبين.
11- رصد عمليات تصويت جماعي.
12- توجيه الناخبين للتصويت لصالح السيسي.
13- عدم استخدام الحبر الفسفورى الضامن لعدم تكرار تصويت الناخبين.
14- العثور على أسماء متوفين داخل قوائم الناخبين.
15- منع مندوبى حمدين صباحى بل واعتقالهم من داخل اللجان.
16- اعتقال الكثير من المواطنين من داخل وخارج اللجان الانتخابية.
17- انتشار الجنود العسكريين في المدارس وحتى داخل المحطات الانتخابية لمراقبة العملية الانتخابية.
18- انتهاك حرية الصحافة، كما ألقي القبض على صحفيين لــ بي بي سي في اليوم الثاني من الانتخابات، في حين وجود مقابلة مع أحد أنصار مرسي.
19- منع الصحفيين من مراقبة العملية الانتخابية ومن زيارة المحطات الانتخابية أو التقاط الصور للتقارير الإخبارية.
20- ألقي القبض على الصحفيين من مراكز الاقتراع وقدمت نقابة الصحفيين 10 شكاوى من انتهاكات ضد الصحفيين.
21- غياب للقضاة داخل كثير من اللجان لإدارة الانتخابات، خصوصا فى المنوفية.
22- مساهمة وزارة الداخلية فى الدعاية الانتخابية لحث المصريين على التصويت لصالح السيسي على الرغم من فترة الصمت الانتخابي.
23- قوائم الناخبين غير موجودة في مراكز الاقتراع.
24- تهديد قنوات الإعلام للناخبين لتحويل المقاطعين الى النيابة العامة.
25- مداهمة الأمن لمقر لحملة صباحى واعتقال 14 عضوا من حملته الانتخابية.
26- إلقاء قنابل مولوتوف على مقر لحملة السيسي في حوش عيسى.

مع كل الانتهاكات المنهجية المذكورة أعلاه، ومع الإفلات من العقاب وعدم المساءلة، فمن غير المرجح أن مصر سوف تعيش في جو من الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان وتحمي حقوق وحريات الشعوب.
منظمة العفو الدولية – 9 مايو 2014
لم تعد هناك عدالة في هذا البلد.. أحكام الإعدام الجماعية في مصر
بقلم محمد المسيري، الباحث في الشؤون المصرية بمنظمة العفو الدولية الذي حضر جلسة إصدار الأحكام في المنيا
“أهلا بك في قرية أحكام الإعدام”؛ كانت تلك هي كلمات المحامي أحمد شبيب لحظة وصولي إلى قرية مطاي في وقت سابق من الأسبوع الحالي بعد أن توجهت إلى هناك للقاء عائلات حوالي 528 شخصا أُحيلوا إلى المحاكمة قبل أن تؤيد الأحكام الصادرة بحقهم في اليوم التالي لزيارتي، بما في ذلك عشرات أحكام الإعدام، وذلك على خلفية ضلوعهم المزعوم في أعمال العنف السياسي العام الماضي.
وأشار أحمد شبيب إلى الشارع الذي يقع مكتبه فيه وأخبرني أن حوالي سبعة أو ثمانية أشخاص يقيمون في هذا الشارع هم من بين 528 شخصا في تلك المحاكمة.  ولا تكاد القرية تخلو من شارع إلا وتقطنه عائلة أحد الذين حوكموا وفق ما قال لي شبيب.
احتجاز أحد الأطباء
ووصف احمد شبيب محاكمة شقيقه الطبيب في مستشفى مطاي “بالمهزلة الكبرى”.  إذ ألقت قوات الأمن القبض عليه بعد منتصف ليلة 28 أغسطس/ آب 2013، ولم يعلم أحمد باحتجاز شقيقه في قسم شرطة مطاي إلا بعد يوم من إلقاء القبض عليه.  فهُرع قاصدا قسم الشرطة ليتضح له أن شقيقه اتُهم بخرق حظر التجول.  وعندما سمع الخبر، قال أحمد أنه تنفس الصعداء – كون شقيقه متهم بجريمة صغرى ولأن الأطباء لا تشملهم أوامر حظر التجول جراء طبيعة عملهم.
ومثل أحمد شقيقه أثناء الاستجواب لدى وكيل النيابة الذي أمر بإخلاء سبيله.  إلا أن الشرطة لم تفرج عن شقيق أحمد، وأسندت له تهمة جديدة وهي التقاعس عن معالجة نائب رئيس قسم شرطة مطاي في المستشفى بتاريخ 14 أغسطس/ آب.  وأثناء خضوعه لاستجواب جديد أمام وكيل النيابة، احتج شقيق أحمد على الاتهام – كونه ليس بمقدوره علاج الرجل بصفته طبيب عام فيما كان يحتاج الضابط إلى الخضوع إلى جراحة عاجلة، موضحا أنه لم يتواجد في المستشفى جراحون آخرون حينها – وذلك بعد أن فروا جميعا عقب فشل قوات الشرطة في حمايتهم من الحشود الغاضبة في الخارج.
وأمر وكيل النيابة بإخلاء سبيل شقيق أحمد مرة أخرى.  ولكن قوات الأمن لم تخل سبيله أيضا.  بل قامت عوضا عن ذلك بإسناد تهمة جديدة له متهمة إياه بأنه قد أخبر الحشود أن ضابط الشرطة قد نجا من الهجوم ليبادر الحشد بعدها باقتحام المستشفى وقتل الضابط..
واحتُجز شقيق أحمد طوال 70 يوما قبل أن يُخلى سبيله ويغادر مصر في نهاية المطاف.  وأشار أحمد إلى هزلية الوضع وتساءل ساخرا كيف يمكن لشخص متهم بارتكاب جريمة القتل أن يُخلى سبيله ويُسمح له بمغادرة البلاد..
احتجاز تعسفي في سجن يقع على مسافة بعيدة من البلدة 
ثم التقيت في مكتب أحمد بعائلة واحد من 528 شخصا جرت محاكمتهم؛ وكان الغضب يعتري أفراد عائلة ذلك الشخص.  ولقد حاولت أن أوضح لهم طبيعة العمل الذي تؤديه منظمة العفو الدولية. فكان ردهم كما يلي:
“لا نريد أن نتحدث، فالحديث لن يغير شيئا: وفي شارعنا وحده ثمة 10 أشخاص على الأقل من بين 528 شخصا في تلك المحاكمة.  وما الذي يمكننا فعله، بل ما الذي يمكنك أنت القيام به؟  فلم تعد هناك عدالة في هذا البلد بعد الآن؛ ولم نعد نثق بأحد إلا الله.”
وقالوا أن ابن عمهم محتجز في سجن الوادي الجديد الذي يبعد ثمان ساعات بالسيارة عن مطاي.  وقالوا أنه يتعين عليهم مفادرة القرية ليلا كي يكونوا أمام السجن صباحا إذا ما أرادوا رؤيته، ولكن لا يُسمح لهم برؤيته إلا لثلاث دقائق فقط.،  وتساءلوا: من سوف يتكفل بتغطية نفقات عائلات الذين احتُجزوا تعسفا؟
الحكم بالسجن المؤبد على أحد المحامين
ثم التقيت بوالدي أحمد عيد المحامي الذي حوكم رفقة 528 شخصا.  ولحظة وصولي، اصطحبني والده إلى الطابق العلوي للقاء زوجة أحمد وأطفاله.  وبدا على الزوجة الاكتئاب واغرورقت عيناها بالدموع.  ثم بدأ والده بإطلاعي على جميع وثائق القضية، وقال أن ابنه كان يمثل 66 متهما بالاعتداء على قسم شرطة مطاي بتاريخ 14 أغسطس/ آب.  وأبرز وثائق الادعاء التي أظهرت حضور أحمد عيد التحقيقات التي أُجريت مع المتهمين.  وقال أن ابنه لم يكن يعلم أن السلطات تعتبره أحد المتهمين في القضية.
وقالت زوجة أحمد عيد أن رجال شرطة بملابس مدنية جاءوا إلى المنزل في 22 يناير/ كانون الثاني وقاموا بتفتيشه في غياب زوجها.  وصادروا جهاز الحاسوب الخاص بالأطفال اعتقادا منهم أنه جهاز أحمد.  وفي 24 يناير/ كانون الثاني، تلقى أحمد اتصالا هاتفيا من قسم الشرطة طلب منه فيه التوجه إلى هناك لمناقشة أمر يتعلق بالقضية.  وما أن دخل أحمد القسم حتى ألقت الشرطة القبض عليه.  وأُحيلت القضية إلى المحكمة بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني.  وظل أحمد قابعا خلف القضبان إلى أن صدر بحقه حكما بالسجن المؤبد.  ولم تقم النيابة أو المحكمة باستجوابه قبيل صدور الحكم بحقه.
استهزاء بالعدالة
وبالأمس قصدتُ مجمع محاكم المنيا الذي شهد تواجدا أمنيا كثيفا لأفراد الشرطة والجيش.  ولم يُسمح للصحفيين أو أقارب المتهمين بدخول المبنى.  وفي الخارج كان يقف  عائلات أكثر من 1200 متهم على ذمة قضيتين منفصلتين على خلفية الهجوم على قسمي الشرطة في مطاي والعدوة، وقتل اثنين من ضباط الشرطة جراء أعمال عنف سياسي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.  وتمكنت من دخول المجمع حيث التقيت بأحمد شبيب هناك.  ولم يدخل قاعة المحكمة كونه، حسب ما أخبرني، يرزح تحت ضغط شديد ويخشى عدم تحمله سماع الحكم.
وداخل قاعة المحكمة، كان قفص الاتهام المخصص للمتهمين خاليي تماما.  إذ لم يُجلب أي متهم للمثول أمام المحكمة وسماع النطق بالحكم.  وشهدت القاعة تواجدا أمنيا كثيفا – حيث تواجد رجال أمن ملثمين مسلحين ببنادق آلية واقفين خلف القاضي.
وبدأ رئيس هيئة القضاة بتلاوة نص الحكم.  وقال أنه بعد أخذ رأي فضيلة المفتي، حكمت المحكمة بالاعدام شنقا ل37 شخصا ، وشرع بقراءة أسمائهم.  ثم قال أنه قد حُكم بالسجن المؤبد على باقي المتهمين.  وفي بادئ الأمر، ظهرت على القاضي ملامح الهدوء، ولكنه ما إن انهمك في تلاوة نص الحكم، رفع نبرة صوته بحيث أصبح يصرخ دون سبب ظاهر لذلك.
وفي تحول مفاجئ عقب تلاوة نص الحكم، اهاب القاضي باللنيابة العامة على الطعن في الأحكام الصادرة بالسجن المؤبد والتقدم بطلب تشديدها وجعلها أحكاما بالإعدام.
السعي وراء إصدار المزيد من أحكام الإعدام الجماعية
ثم بدأ القاضي نفسه بتلاوة الحكم الصادر بحق 683 شخصا على ذمة قضية منفصلة هي واقعة الهجوم على قسم شرطة العدوة التي تتضمن المزيد من الادعاءات المتعلقة بالعنف السياسي.  ولم يكن أي من المتهمين في هذه القضية حاضرا في المحكمة.
واتفقت هيئة المحكمة على ضرورة الحكم عليهم جميعا بالإعدام وإحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتي الذي يتعين على المحكمة وجوبا أخذ رأيه قبل إصدار حكم الإعدام بشكل قطعي.  كما أحال القاضي محاميّ الدفاع الذين لم يحضروا الجلسة الوحيدة السابقة لجلسة تلاوة الحكم إلى هيئة تأديبية وفرض عليهم دفع غرامة قوامها 50 جنيها مصريا (حوالي 7 دولارات).  وكان المحامون قد رفضوا حضور المحاكمة في 25 مارس/ آذار الماضي احتجاجا على تعيين نفس هيئة المحكمة التي أحالت أوراق 528 متهما في قضية مطاي إلى فضيلة المفتي قبل يوم واحد فقط.
ثم غادرتُ قاعة المحكمة وخرجت لأجد أفراد عائلات الضحايا يصرخون ويبكون ويطالبون بتحقيق العدالة.  وأُغمي على إحدى النساء وسقطت أرضا؛ فيما ظلت أخريات ينتحبن ويطلبن العون من الله.
وأخبرني أقارب المتهمين أن القرية بأكملها يعتريها شعور بالغضب إزاء قرار المحكمة، وافادوا أن بالكاد يخلو شارع من شوارع القرية إلا وفيه عائلة تضررت من هذه الأحكام.  وقال لي أحدهم: “هذا الحكم باطل”، وأضاف: “ما لنا إلا الله وحده، ولم نعد نثق بالحكومة بعد الآن”.  كما ذكر أن شقيقه وأربعة من أبناء عمومته هم بين 683 شخصا أوصت المحكمة بأن يُحكم عليهم بالإعدام.  كما قال أنه دفع كفالة قوامها 5250 جنيه (750 دولار) لإخلاء سبيل شقيقه، ولكن لم يتم إطلاق سراحه على الرغم من ذلك.
وقالت إحدى الأمهات أنها تعرضت للركل أثناء محاولتها زيارة ابنها في السجن، وأضافت: “ما لنا إلا الله وحده”.
وجاءت أحكام الأمس لتكشف مرة أخرى عن مدى التعسف والانتقائية التي وصل إليها نظام العدالة الجنائية في مصر.  ولقد أظهرت المحكمة ازدراءا كاملا لأبسط الحقوق الأساسية المتمثل في الحصول على محاكمة عادلة، وقوضت بالتالي من مصداقيتها بالكامل.  ولقد حان الوقت كي تبرئ السلطات المصرية نفسها، وتقر بأن نظام العدالة الحالي ليس عادلا ولا مستقلا ولا محايدا.
منظمة العفو الدولية – 13 مايو 2014
نظام القضاء المصري يخرج عن السيطرة
أقرت إحدى المحاكم إنزال أكبر عدد من أحكام الإعدام في الذاكرة الحديثة
بقلم سليل شتي، خاص لشبكة (سي  إن إن)
ملاحظة من المحرر: سليل شتى هو الأمين العام لمنظمة العفو الدولية.
تسلطت الأضواء، في الأسابيع الأخيرة، على نظام العدالة الجنائية في مصر، بعد أن أقرت إحدى المحاكم إنزال أكبر عدد من أحكام الإعدام في الذاكرة الحديثة. لكن  هذا لم يكن من فعل قاض مارق، كما ألمح البعض. فبدلاً من ذلك فكانت الأحكام هي الأحدث في سلسلة من الحالات التي تشير إلى نظام قضائي ينفلت من عقاله دون أن يجد من يوقفه.
ففي غضون أشهر قليلة، أنهت المحاكم استعداداتها للحكم على مئات من الأشخاص بالإعدام، وقضت بسجن ناشطين قياديين، ومتظاهرين، بمن فيهم شابات، لا لشيء إلا لاحتجاجهم بصورة سلمية، وحاكمت صحفيين لمجرد قيامهم بعملهم.
وانهالت المحاكم بمطرقتها أيضاً على مؤسسات المجتمع المدني المستقلة. وففي الأسبوع الماضي، أصدرت إحدى المحاكم حكماً يحظر من الناحية الفعلية أنشطة “حركة شباب 6 إبريل”، تلك المجموعة من الناشطين التي قادت احتجاجات جماهيرية أسقطت حكومة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في يناير/كانون الثاني 2011.وقد تكون جماعات حقوق الإنسان في مصر التالية على خط النار، إذا ما استذكرنا محاكمات المنظمات غير الحكومية العام الماضي، التي لا تزال حية في أذهان العديد من النشطاء.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن المدعين العامين للدولة المصرية قد تحللوا من عناء البحث عن أية ذريعة لإقامة المسؤولية الجنائية الفردية عن انتهاكات حقوق الإنسان. وعوضاً عن ذلك، وجّهوا أصابع الاتهام إلى أي شخص يشتبه في أنه يدعم، عن قريب أو بعيد، الرئيس المعزول محمد مرسي.
إن الآلاف يقبعون الآن في السجون، وأغلبهم قد اعتقل ضمن سلسلة عمليات نسخ ولصق لاتهامات تتراوح بين القتل و”المشاركة في مظاهرة غير مصرح بها”، أو عرقلة حركة المرور، أو الانتماء إلى جماعة “الإخوان المسلمين”، المحظورة الآن.
ورسالة السلطة القضائية واضحة: لا تتحدوا السلطات.
ومع ذلك، فقد كان النظام القضائي في مصر، ولسنوات، إحدى المؤسسات النادرة التي كانت على استعداد للوقوف في وجه السلطات. وكثيرون ما زالوا يتحدثون عن القضاة الذين قاوموا المحاولات المتكررة لإدارة حسني مبارك لتقويض استقلالهم، والذين قاموا بإغلاق المحاكم، في ديسمبر/كانون الأول 2012، بعدما أصدر محمد مرسي إعلانات دستورية منح نفسه بموجبها صلاحيات لا حدود لها.
صحيح أن السلطات مازالت تقول إن المحاكم لا تزال مستقلة. ولكن الحقيقة التي لا تقبل الكثير من الجدل هي أن ثمة سلسلة من الأحكام التعسفية ونمطاً من العدالة الانتقائية قد مرغت سمعة محاكم مصر، التي اكتسبتها بشق الأنفس، في الطين.
وفي غضون ذلك، وبينما انشغل القضاء بتعقب معارضي الحكومة، فإنه قد غض الطرف، على مايبدو، عن انتهاكات قوات الأمن الجسيمة لحقوق الإنسان، وتجاهل الهجمات التي تعرض لها المسيحيون الأقباط والاعتداءات الجنسية على المتظاهرات.
بينما سجنت المحاكم حفنة، لا أكثر، من رجال الشرطة المسؤولين عن الانتهاكات، رغم وفاة مئات الأشخاص في الاحتجاجات واستمرار  العنف السياسي، وإساءة معاملة المعتقلين.
إن السلطة القضائية، بمنحها قوات الأمين تصريح مرور إل حيث تشاء، قد فتحت الطريق أمام انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق لم يسبق له مثيل. وعندما فككت قوات الأمن مخيم الاحتجاج في رابعة العدوية، في أغسطس/آب الماضي، بوحشية، فقد فعلت ذلك وهي تعلم بأن أحداً لن يسائلها.
وتمت العملية في وضح النهار، وراح ضحيتها مئات القتلى وسال الدم وأطلق الرصاص في الشوارع. وحتى الآن، مرت ثمانية أشهر، ولم تتم محاسبة، وبشكل صحيح، أي منتسب لقوات الأمن على أعمال القتل هذه. وعوضاً عن ذلك، يبدو أن السلطة القضائية عازمة على أن تكمل في المحاكم المهمة التي بدأتها الشرطة في الشوارع – وهي محو أي شكل من أشكال المعارضة، بدءاً بجماعة الإخوان المسلمين ومؤيديهم، وانتهاء بالنشطاء العلمانيين، مرة واحدة وإلى الأبد، بغض النظر عن التكاليف المترتبة على ذلك، أو على حقوق الإنسان، أو حتى على سمعتها هي نفسها. ومرة تلو المرة، أخبرتنا أسر أولئك الذين قتلوا في خضم الاحتجاجات والعنف السياسي بمدى ما تشعر به من يأس، أكثر من أي وقت مضى، في أن ترى العدالة تتحقق لأحبائهم.
بينما يعبِّر اولئك الذين يواجهون محاكمات فادحة الجور، عن القدر نفسه من التشاؤم.
إحدى القريبات لمن يحاكمون قالت لمنظمة العفو الدولية خارج قاعة المحكمة: “لم تعد هناك عدالة في هذا البلد. ولم يعد لنا رجاء بأحد غير الله”.
وبدورها، سارعت الولايات المتحدة، ومعها الاتحاد الأوروبي، إلى إدانة هذه التطورات الأخيرة، كما فعلت قبل ذلك مرات عديدة.
بيد أن مثل هذه الاحتجاجات ما عادت تبدو أكثر من مجرد دموع تماسيح. ومن غير الجائز للسلطات الأمريكية أن تدين استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين من ناحية، بينما تستعد بشغف لاستئناف إرسال المعونة العسكرية الجزئية إلى السلطات المصرية من ناحية أخرى، بعد أن وافقت على تسليمها مروحيات الأباتشي.
لقد حان الوقت لوقف إرسال الرسالة المزدوجة والكيل بمكيالين. أما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت فقد دعمت حملة تكميم الأفواه ضد المعارضة علانية. كما آن الأوان لهيئة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الاضطلاع بدورها القيادي. وإذا كانت السلطات في مصر غير قادرة على إظهار الحقيقة وإحقاق العدالة، فينبغي على “مجلس حقوق الإنسان” استطلاع آليات أخرى لتحقيق المساءلة.

وفي نهاية المطاف، وعلى الرغم من ذلك، فإذا أرادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يبقيا ذات صلة بالأمر، أن يضعا استراتيجية متماسكة لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، والتخلي عن العروض غير الفعالة التي رأيناها حتى الآن.
منظمة العفو الدولية - 22 مايو 2014
مصر: عشرات المدنيين المختفين يواجهون التعذيب المستمر في أحد السجون العسكرية
في ضوء أدلة جديدة صادمة قامت منظمة العفو الدولية بجمعها مؤخرا، اتضح تعرض العشرات من المدنيين للاختفاء القسري والاحتجاز سرا طوال أشهر في أحد معسكرات الجيش المصري، حيث يتعرضون للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة فيه من أجل حملهم على الاعتراف بارتكاب جرائم معينة.
 وتتوفر بحوزة محامين وناشطين مصريين قائمة بأسماء ما لا يقل عن 30 مدنياً زُعم أنهم محتجزون سرا في سجن العزولي داخل معسكر الجلاء التابع للجيس في مدينة الإسماعيلية الواقعة على بعد 130 كم إلى الشمال الشرقي من القاهرة.  وأخبر محتجزون سابقون هناك منظمة العفو الدولية باحتمال وجود عدد أكبر من الأشخاص – لربما يصل إلى 400 شخص – في الحجز داخل ذلك السجن المكون من ثلاثة طوابق.  ولم تُسند التهم إلى المحتجزين أو تتم إحالتهم للعرض على النيابة أو المثول أمام المحكمة، ولم يُسمج لهم بالاتصال مع المحامين أو مع عائلاتهم.
 وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: "ترتبط مثل هذه الممارسات بأحلك ساعات حكم العسكر ونظام مبارك.  ولا يجوز أن يضرب الجيش المصري حقوق المحتجزين بعرض الحائط على هذا النحو".
 ويتعين على السلطات المصرية أن تبادر من فورها إلى إخطار عائلات ومحاميّ جميع المحتجزين سرا في معسكر الجلاء وغيره من الأماكن.  ويجب السماح فورا لكل من تعرض للإخفاء القسري بأن يُعرض على الأطباء وتمكينه من الاتصال بالمحامين وعائلاتهم.
 ويجب حماية هؤلاء من التعرض للمزيد من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وإخلاء سبيلهم ما لم يُصار إلى سرعة توجيه التهم إليهم بارتكاب جرائم معترف بتوصيفها قانونا ومن ثم خضوعهم لمحاكمات عادلة.
 وأضافت حاج صحراوي قائلة: "ما انفك عدد التقارير التي تبلغ عن ارتكاب التعذيب في مصر يزداد بشكل مستمر.  ومع ذلك، فما يحدث داخل ذلك السجن هو تنفيذ حرفي لمحتويات دليل مرتكبي التعذيب المنهجي، ويظهر أن القمع الوحشي يتخفى وراء خطاب السلطات المنمق الذي يتحدث عن وضع خارطة طريق تقود البلاد نحو الديمقراطية وإجراء الانتخابات المزمعة".
 ويجب أن تُجرى تحقيقات كاملة ومحايدة ومستقلة في جميع الادعاءات المتعلقة بارتكاب التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة وجلب المسؤولين عنها للمثول أمام القضاء.
 والتقت منظمة العفو الدولية بمحتجزين أُفرج عنهم من سجن العزولي مؤخرا.  وقدم هؤلاء روايات مروعة للتعذيب داخل ذلك السجن، بما في ذلك استخدام الصعق بالكهرباء والحرق وغيرهما من ضروب سوء المعاملة اثناء الاستجواب في المعسكر التابع للجيش.
 وأخبر محامون وناشطون منظمة العفو الدولية أن عدد حالات الاختفاء القسري يشهد ارتفاعا في مصر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.  ومن المتوقع أن يُحال المحتجزون سرا للمثول أمام نيابة أمن الدولة عقب الإدلاء "باعترافاتهم" تحت التعذيب.  وفي بعض الحالات، فيظهر أن الأفراد قد امضوا في الحجز السري شهورا تعرضوا خلالها للتعذيب من أجل انتزاع "الاعترافات" منهم.
 وثمة محامون موكلون في قضايا أمن الدولة، بما في ذلك قضايا لسجناء في سجن العزولي؛ وأفاد هؤلاء بوجود نمط منتظم يتم بموجبه اختطاف الأشخاص من الشارع أو المنزل قبل أن يتم إرسالهم إلى سجن العزولي حيث يُحرمون هناك من الاتصال بالمحامي أو بأفراد عائلاتهم، وترفض السلطات الاعتراف بوجودهم في عهدتها.
 ويُجبر المتهمون على "الاعتراف" عنوة بارتكاب جريمة أو توريط آخرين.  ويوافق بعض المحتجزين على الاعتراف متى ما تمت إحالتهم إلى نيابة أمن الدولة وذلك من أجل الخروج من السجن والفرار من التعذيب فيه.  وقال محامون لمنظمة العفو الدولية أنه لم يُسمح لهم بتاتا بحضور جلسات التحقيق الأولية، مع عدم إعلامهم بتاريخ جلسة التحقيق أو موعدها.
 واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلة: "ما من شك في أن التعذيب محظور في جميع الظروف والأحوال، ويُعد جريمة وفق أحكام القانون الدولي.  ولا يجوز أبدا لوكلاء النيابة والمحاكم والسلطات المصرية استخدام "الاعترافات" أو الإفادات المنتزعة بالتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في أي إجراءات قانونية وقضائية.  ويُصنف حبس الأشخاص على هذا الأساس شكلا من أشكال الحجز التعسفي".
 الشهادات/ الحالات
أحد السجناء ممن أُفرج عنهم من سجن العزولي العسكري مؤخرا:
 "ألقى الجيش القبض علي في يناير/ كانون الثاني 2014 ... وقاموا باقتيادي في اليوم نفسه إلى سجن العزولي بعد أن أوسعوني ضربا في معسكر الجيش في بلدتي طوال أربع ساعات.  وبقيت محتجزا في سجن العزولي طوال 76 يوما دون المثول أمام قاضٍ أو وكيل نيابة، بل ولم يُسمح لي بالاتصال مع عائلتي.  وأودعوني قيد الحبس الانفرادي في الطابق الثالث من السجن وخضعت للاستجواب على أيدي السلطات هناك في ست مناسبات.  وقاموا بتجريدي من ملابسي وصعقوني بالكهرباء على جميع أجزاء جسدي أثناء الاستجواب، بما في ذلك خصيتيّ، وانهالوا على ضربا بالهراوات والأحذية العسكرية.  ثم قاموا بتقييد يدي بالأصفاد وراء ظهري وتركوني متدليا من أحد الأبواب طوال 30 دقيقة.  وكانوا يضعون عُصابة على عيني أثناء التحقيق وقاموا بإحدى تلك الجلسات بحرق لحيتي بولاعة.  وجرت جلسات الاستجواب في مبنى آخر داخل المعسكر ... وأطلق الجنود على المبنيين اسم س1 وس8 (وهما مبنيان تابعان لاستخبارات الجيش).  ولم يكن بوسعي رؤية المحققين لوجود العُصابة على عيني أثناء جميع جلسات التحقيق التي خضعت لها ويداي مقيدتان خلف ظهري على الدوام.  ولقد أرادوا الحصول على معلومات تتعلق بالاحتجاجات والمظاهرات، ثم سألوني عن الأعضاء الناشطين داخل الجامعة.  وقالوا أنهم يريدون معرفة الذي يمول الاحتجاجات ومن يحتفظ بالسلاح ومن يشتريه.  كما سألوني عن أنتماءاتي وإذا ما كنت عضوا في الإخوان المسلمين أم لا...
وبعد 25 يوما نُقلت إلى زنزانة أخرى رفقة 23 سجينا آخرا.  وكان معظم الموجودين في تلك الزنزانة من سيناء.  ولقد غطت جسد أحدهم حروقا كثيرة ... وذكر أنهم قاموا بإطفاء سجائرهم في جسده.  وسُمح لنا بالخروج من الزنزانة مرة واحدة في اليوم من أجل الذهاب إلى دورة المياه قبيل شروق الشمس، وعلى أن يتم ذلك بما لا يتجاوز خمس دقائق لجميع الموجودين في الزنزانة وعددهم 23 سجينا.  وكانت نوعية الطعام رديئة جدا.  ثم أُفرج عني دون صدور أمر من النيابة بهذا الخصوص أو الخضوع للتحقيقات، حيث قاموا باقتيادي من السجن، ووضعوني أمام البوابة 2 للمعسكر".
 سجين آخر أُفرج عنه من سجن العزولي مؤخرا:
 "في فبراير/ شباط الماضي، ألقى عناصر بزي مدني تابعين لقوات الأمن القبض علي أثناء تواجدي في منزلي.  وتعرضت للضرب أثناء اعتقالي قبل أن يتم اقتيادي إلى سجن العزولي.  وخضعت للاستجواب 13 مرة. وقاموا بوضع عُصابة على عيني ووضعوا يدي في الأصفاد وهي خلف ظهري ونزعوا عني ملابسي... ثم صعقوني بالكهرباء على جميع مناطق جسدي بما في ذلك خصيتيّ.  ولم يُسمح لي بالاتصال لعائلتي... فأعطيت رقم الهاتف لأحد الزملاء في الزنزانة الذي أُخلي سبيله وأخبر أسرتي بمكان تواجدي.  وتواجد معنا في الزنزانة رجل يُدعى الحاج شتيوي من شمال سيناء ... وكان يعاني من آثار التعذيب الذي تعرض له لحظة إلقاء القبض عليه على أيدي عناصر الكتيبة 101 التابعة للجيش في العريش.  ولقد أدخلوا قضيبا معدنيا ساخنا في فتحة شرجه ولم يتمكن من استخدام الحمام تسعة أيام متواصلة.  ولم يقوموا بعلاجه ... قبل أن يلفظ أنفاسه في الزنزانة رقم 11 الكائنة في الطابق الثاني.  وعقب انتهاء التحقيقات، أفرجوا عني في مايو/ أيار".
 يدرس الطالب عمرو ربيع تخصص الهندسة في جامعة القاهرة، واختفى عقب إلقاء القبض عليه في شارع رمسيس بالقاهرة بتاريخ 11 مارس/ آذار على أيدي عناصر الأمن بزي مدني.  ولم تعلم عائلته شيئا عن مكان تواجده.  وسألوا عنه في أقسام الشرطة، ومكاتب وكلاء النيابة والأمن القومي، وحرروا بلاغا لدى مكتب النائب العام باختفائه في 15 مارس/ آذار الماضي.  ولقد أنكرت السلطات وجوده في عهدتها.
 ولاحقا، تلقت عائلة عمرو ربيع اتصالا هاتفيا في أبريل/ نيسان من أحد السجناء المفرج عنهم، أخبرهم فيه أن ابنهم قيد الاحتجاز في سجن العزولي العسكري.  ووفق رواية السجين المفرج عنه، لا يستطيع عمرو ربيع تحريك ذراعه اليسرى جراء إصابة تعرض لها اثناء التعذيب.  وفي 17 مايو/ أيار، أي بعد مرور أكثر من شهرين على اختفائه، أُحيل عمرو ربيع للمثول أمام وكيل نيابة شرق القاهرة.  واتصال أحد المحامين الذي كان متواجدا بعائلة عمرو الذين جاءوا إلى مكتب وكيل النيابة على عجل.  وما أن وصلوا حتى علموا بتقديم طلب بالقبض على عمرو يفيد، حسب ما ورد، في ملف القضية أنه قد أُلقي القبض عليه في منزله بالهرم بتاريخ 17 مايو/ أيار – أي بعد أكثر من شهرين على إلقاء القبض عليه فعليا.  واستطاعت أسرته رؤيته مدة خمس دقائق في مكتب وكيل النيابة حيث قال لهم أنه احتُجز في سجن العزولي العسكري وسجن العقرب بطره.  وكان يعاني من خلع بالكتف.
 وقالت امرأة تقطن بلدة تبعد 250 كم عن القاهرة لمنظمة العفو الدولية أن عناصر من قوات الأمن يرتدون ملابس مدنية وآخرين بزي الشرطة قد ألقوا القبض على زوجها عقب مداهمة منزلهما ليلا في يناير/ كانون الثاني 2014.  وقبيل اقتياده، قاموا بصعق زوجها بالكهرباء أمام عينيها.  وعلى الرغم من سعيها الحثيث لمعرفة مكان تواجده، فلم تتمكن من اللقاء به إلا في مايو/ أيار 2014 في سجن العقرب.  ولقد بدت عليه آثار التعذيب، لا سيما الكدمات والجروح القطعية على يديه وذراعيه اللتان بدت عليهما آثار حروق أيضا، وكان يعاني هو الآخر من خلع بالكتف.  وأخبرها زوجها أنهم أرادوا منه أن يعترف بضلوعه في أحد الانفجارات التي أوقعت قتلى في صفوف الجنود.
 خلفية
يقع سجن العزولي داخل مقر قيادة الجيش الميداني الثاني.  ويتضمن المعسكر مقر محكمة عسكرية أيضا، علاوة على مباني السجن والاستخبارات العسكرية.  ويتألف مبنى السجن من ثلاثة طوابق، حيث يُودع في الطابق الأول المحتجزين العسكريين الذين ينتظرون المحاكمة، فيما يتضمن الطابق الثاني خليطا من المدنيين بانتظار المحاكمة العسكرية وأفراد "قيد التحقيق" لم تتم إحالتهم بعد للمثول أمام النيابة أو المحكمة، فيما يوجد في الطابق الثالث أفراد "يخضعون للتحقيق".
 ولم تتمكن منظمة العفو الدولية من الجزم بالعدد الدقيق للأشخاص المتحجزين في سجن العزولي حاليا.  ويقول السجناء المفرج عنهم أنه يمكن لكل طابق من الطوابق الثلاثة أن يستوعب زهاء 200 سجين، ويُقدر وجود ما بين 200 إلى 400 سجين بالمجمل في ذلك السجن.
 وقال السجناء المفرج عنهم أن أسلوب التعذيب المتبع بحق فرادى السجناء يعتمد على طبيعة كل واحد منهم وقضيته.  فالمتهمون بقتل الجنود أو الشرطة يتعرضون للصعق بالكهرباء والتعليق من الأبواب والحرق والجلد أحيانا.  وتجرى الاستجوابات في مبنى تفصله عن السجن مسافة 10 دقائق بالسيارة، حيث تُوضع عُصابة على أعين المحتجزين ويتم نقلهم في مركبة عسكرية إلى مبنى التحقيق قبيل توجيههم إلى الطابق الأول.  وتُجرى التحقيقات ما بين الساعة الثالثة عصرا والعاشرة أو الحادية عشرة مساءا.  وبما أنهم معصوبو الأعين، فلم يتسنّ للسجناء معرفة ما إذا كانت عمليات الاستجواب تتم على أيدي عناصر من استخبارات الجيش أم أمن الدولة.

 وفي الأسبوع الماضي، أطلقت منظمة العفو الدولية حملة عالمية بعنوان "اوقفوا التعذيب" تتهم فيها حكومات الكثير من دول العالم بالتنصل من تعهداتها على صعيد القضاء على التعذيب بعد مرور ثلاثة عقود على إقرار الأمم المتحدة لاتفاقية مناهضة التعذيب التاريخية في عام 1984.